هذا الموقع تجريبي
Weather Data Source: weather for Amman

بورتريه الشهيد مثقال ريان.. واقعة اغتيال مُعلنة

منذ يوم أمس، ينتظر اطفال مثقال ريان، عودة أبيهم إلى المنزل محملاً بالألعاب والفواكه، وهم دائمو السؤال عنه. جود، وجنى، وسلمان - الذي رزق به قبل شهر واحد - لم يدركوا بعد معنى الفقدان، ومعنى اليتم، وبأن والدهم لا يمكن له أن يعود.

"هو أب حنون ككل الآباء، وانسان مثابر ويحوز على محبة الجميع" قالت والدته الملتاعة وهي تغرق بالدموع.

ولعل واقعة استشهاد الأب مثقال سلمان ريان (27 عاما)، من بلدة قراوة بني حسان غرب مدينة سلفيت يوم الأمس، برصاص أحد رعاع المستوطنين، لم تكن الا واقعة اغتيال معلنة ومخططة ولن تكون الأخيرة، وتنذر، أكثر من أي وقت مضى، بارتفاع وتيرة إرهاب المستوطنين في الضفة الغربية، بممارسة القتل العمد من مسافة صفر، اتجاه المواطنين العزل في القرى والبلدات الفلسطينية، سيما المتاخمة لحدود المستعمرات والبؤر الاستعمارية.

هناك، في منطقة "الرأس" الواقعة شمال بلدة قراوة بني حسان، قام مستوطن مسلح بأنياب العنصرية، بإطلاق الرَّصاص الحي على الشاب ريان بشكل متعمد ومن مسافة قريبة، قبل أن يرتقي شهيداً.

رئيس بلدية قراوة بني حسان إبراهيم عاصي قال لـ"وفا": خلال الأشهر الأخيرة شكّل هذا المستوطن المتطرف الخطر الأكبر على أهالي بلدة قراوة بني حسان، حيث يتعرض بشكل مستمر للمواطنين في المنطقة، وذلك برفقة عدد من المستوطنين المدججين بالسلاح، يحاولون منع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم، ويقتلعون الأشجار ويسرقون المواشي، بنية الاستيلاء على مئات الدونمات من أراضي البلدة.

وأضاف عاصي، يرصد المستوطنون تحركات المزارعين في اراضي البلدة القريبة من المستوطنات، ويعملون كمراقبين، حيث يطلقون طائرات الاستطلاع في المنطقة، ويستدعون قوات الاحتلال لتضييق الخناق على الأهالي.

وذكر: ما حدث يوم أمس، هو أنه تقدم المستوطن بالقرب من الشاب ريان الذي تواجد في المنطقة بعد نداء استغاثة من قبل الأهالي الذين تعرضوا لهجوم مباشر من قبل المستوطنين على منازلهم وقام بإطلاق النار بشكل متعمد وواضح صوبه، ليرتقي شهيدا.

في حزيران من العام الماضي، وفي حادثة مشابهة بمحافظة سلفيت، استشهد الشاب علي حسن حرب (27 عاما) من قرية اسكاكا شرق سلفيت، جراء تعرضه للطعن في صدره من قبل مستوطن على مرأى وبحماية من جنود الاحتلال الذين منعوا المواطنين من محاولة إسعافه، واعتدوا عليهم، وتركوه ينزف قرابة نصف ساعة قبل أن ينسحبوا ويتركوه ملقى على الأرض. كان ذلك خلال تصديه وعدد من الأهالي لمستوطنين نصبوا خيمة في أرض تقع غرب القرية تسمى "الحرايق" بهدف الاستيلاء عليها.

بدوره، ذكر المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار الدويك، أنه في آخر سنتين تم تسجيل تصاعد كبير في منحنى عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين العزل، شمل هذا العنف الاعتداء على الممتلكات والأشجار ومحاولة التضييق على المزارعين الفلسطينيين اثناء موسم قطف الزيتون، ومحاولة طرد الفلسطينيين من أراضيهم من خلال ما يسمى بـ"الاستيطان الرعوي" الذي اصبح ينافس التجمعات الاستيطانية في الاستيلاء على الأراضي.

وأضاف: أن العنف يشمل إطلاق النار والقتل، وذلك ضمن سياسة زيادة تسليح المستوطنين من خلال تسهيل اجراءات اقتناء السلاح، ومنح الرخص، وسياسة تسهيل إطلاق النار واللجوء لاستخدام "القوة المميتة" التي تم تعديلها في ديسمبر 2021 وأصبحت تسمح لجنود الاحتلال والمستوطنين بإطلاق النار على الفلسطينيين وملقي الحجارة حتى لو كانوا في حالة فرار، وسياسة التحريض اللفظي ضد الفلسطينيين من قبل سياسيين اسرائيليين.

وأضاف: هذا يؤكد على أن سياسة تسليح المستوطنين هي عمليا دعوة واضحة لقتل الفلسطينيين، ومن المتوقع أن نرى المزيد من العنف الدموي من قبل المستوطنين اذا استمر الحال على ما هو عليه، والهدف من ذلك كله تهجير الفلسطيني وجعله يفقد الأمان في أرضه ووطنه.

وبيّن الدويك لـ"وفا": المطلوب فلسطينياً تعزيز مقومات صمود المواطنين وفضح سياسة الاحتلال الاسرائيلي أمام العالم، والاستمرار في المسار الحقوقي والمطالبة بالحماية الدولية للفلسطينيين، والعمل بشكل منظم على فضح شبكات العنف الاستيطاني والمجموعات الارهابية الاستيطانية ووضعها على قوائم الارهاب في العالم، ومحاربتها وملاحقتها قانونياً في جميع الدول التي تتيح الملاحقة القانونية لمثل هذا النوع من الجرائم.

لم تتوقف اعتداءات المستوطنين في محافظة سلفيت عند هذا الحد، بل تصاعد خطرهم بتهديد حياة المواطنين الفلسطينيين بشكل يومي ومتكرر على مفترقات الطرق وهجومهم على المنازل الواقعة على أطراف القرى والبلدات، واقتلاع عشرات اشجار الزيتون، وتدمير الغرف الزراعية.

وباستشهاد الشاب ريان، يرتفع عدد الشهداء الذين ارتقوا برصاص جيش الاحتلال والمستوطنين منذ بداية العام الجاري إلى 46 شهيدا (4 شهداء برصاص المستوطنين)، بينهم 9 أطفال وسيدة مسنة، وأسير في سجون الاحتلال.