هاجم الناطق الرسمي للخارجية الجزائرية، الأمين العام لاتحاد المغرب العربي، الطيب البكوش، بعد تصريحاته الأخيرة التي اتهم فيها الجزائر بعرقلة البناء المغاربي، وأكدت الجزائر أنها لا تعترف بهذا المسؤول لأن ولايته باتت منتهية في ظل القوانين الناظمة للاتحاد.
لم تترك الخارجية الأخيرة بيان البكوش الأخير وتصريحاته على قناة فرانس 24 التي قلل فيها من طعن الجزائر في شرعيته، تمر دون رد. وقال الناطق الرسمي باسمها في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية إن “الجزائر هي العضو الوحيد الذي لم يبادر يوما بطلب تجميد أنشطة المؤسسات المغاربية عكس افتراءات الأمين العام لاتحاد المغرب العربي المنتهية ولايته”.
وأضاف المسؤول بالخارجية الجزائرية قائلا: “يواصل الأمين العام لاتحاد المغرب العربي المنتهية ولايته سقطاته الإعلامية، محاولا من خلاله عبثا، تضليل الرأي العام المغاربي وتزييف الحقائق بتحميل مسؤولية تعثر البناء المغاربي إلى الجزائر، العضو الوحيد في الاتحاد الذي سبق وأن صادق على جميع الاتفاقيات المبرمة في إطار اتحاد المغرب العربي منذ إنشائه مع الدعم غير المشروط لأنشطة كافة المؤسسات المغاربية ومشاريعها الاقتصادية والاجتماعية الثقافية والذي لم يبادر يوما بطلب تجميد أنشطة المؤسسات المغاربية”.
وأبرز الناطق الرسمي أن “الأمين العام السابق يؤكد مجددا من خلال خرجاته الإعلامية التضليلية المدانة، بأنه لا يرتقي إلى مستوى المسؤولية والثقة التي وضعت في شخصه”، مشيرا إلى أنه “بتصريحاته الافترائية وتصرفاته غير القانونية، يتخذ مواقف تعارض كلية مبادئ وأهداف المنظمة المغاربية، الذي يدعي زورا أنه لا يزال قائما على أمانتها العامة الافتراضية”.
وخلص الدبلوماسي الجزائري في تصريحه إلى أن “الجزائر ستبقى متمسكة بإرادتها القوية في إصلاح مسار بناء الاتحاد المغاربي وتحقيق التطلعات المشروعة لشعوبه التواقة إلى تنشيط العمل المغاربي على أُسس واضحة وجامعة ودون أي شروط مسبقة”.
ويأتي السجال بين الخارجية الجزائرية والبكوش على خلفية تعيين الأخير دبلوماسية مغربية على أنها “الممثلة الدائمة” لاتحاد المغرب العربي لدى الاتحاد الأفريقي، دون أن يقوم باستشارة الجزائر، معتبرة أن “هذا التعيين جرى خارج القواعد المنصوص عليها في معاهدة تأسيس اتحاد المغرب العربي لفبراير 1989، والتي تقتضي في هذه الحالة التصويت بالإجماع من طرف الدول الأعضاء على مستوى مجلس وزراء الخارجية”.
وأطلقت الخارجية الجزائرية في سياق ذلك أوصافا لاذعة على تصرف موسى فقي رئيس المفوضية الإفريقية الذي قالت إنه “بقبوله لهذه المسرحية البروتوكولية المبتذلة، فإنه يرضخ لعملية تلاعب غير نزيهة، تمّ إعدادها وتنفيذها لغايات لا تخدم بأي حال من الأحوال مصالح اتحاد المغرب العربي والاتحاد الأفريقي، اللّذين تؤكد الجزائر تمسكها الثابت بهما”.
ورد البكوش على ذلك لاحقا في بيان صادر عن أمانة الاتحاد المغاربي موقع باسمه، قال فيه إن الجزائر لم تعبر للأمين العام عن أي احتراز في الآجال القانونية على جميع المبادرات التي قام بها بما فيها تعميم الإعلام بفتح المكتب منذ 7 مارس 2023 دون أي اعتراض من أحد في إشارة إلى واقعة تعيين الدبلوماسية المغربية.
وتأسف على ما وصفه بتهجم الجزائر على رئيس الاتحاد الافريقي موسى فقي محمد ووصفه بعبارات لا تليق “مثل التهور والطائش” لأنه طبّق حسبه القانون في الفصل 20 من اتفاقية الاتحاد الأفريقي وتجمعاته الإقليمية الثمانية الذي ينص على تعيين ممثل قار لكل منها في الاتحاد الافريقي وتسلم رسميا أوراق اعتماد السيدة أمينة سلمان يوم 13 نيسان/أبريل الجاري.
وتحدث البكوش في بيانه بنبرة ساخرة قائلا إن “الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي تسجل بارتياح تعبير الجزائر في بيانها الأخير يوم 16 نيسان/أبريل الجاري، عن تمسكها باتحاد المغرب العربي، وتأمل أن يتكرس ذلك بتسديد ما تخلد بذمتها وإعادة ممثليها الدبلوماسيين في الأمانة العامة”، محاولا بذلك تسجيل تناقض في الموقف الجزائري.
أما بخصوص عدم شرعيته على رأس الاتحاد، قال البيان طاعنا في الموقف الجزائري إن “كبار رجال الدولة الجزائرية واصلوا مراسلة الأمين العام باسمه وبصفته تلك منذ آب/أغسطس 2022 حتى الآن، بما لا يقل عن تسع مراسلات وآخرها مراسلة من وزير الخارجية ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية الجزائرية يشكرون فيها السيد الأمين العام باسمه وبصفته أمينا عاما لاتحاد المغرب العربي على التهنئة بالسنة الميلادية الجديدة”.
ويقيم البكوش في المغرب وهو متهم من قبل السلطات الجزائرية مثلما لمحت لذلك في بيانها الأخير إلى أنه موجه من الدولة الموجود فيها، في وقت تعرف الأوضاع بين الجزائر والمغرب أسوأ حالاتها على الإطلاق بعد قرار قطع العلاقات في أغسطس 2021 وما تبع ذلك من تصعيد على كل المستويات.
ويسبق التوتر داخل اتحاد المغرب العربي التطورات الأخيرة بين الجزائر والمغرب، حيث يعاني هذا الكيان جمودا في هياكله فلم يعقد منذ سنوات طويلة، أي اجتماع على مستوى القادة ووزراء الخارجية، بفعل الأزمة الممتدة في الزمن بين الجزائر والمغرب منذ تأسيسه ككيان سنة 1989
“القدس العربي”: