هذا الموقع تجريبي
Weather Data Source: weather for Amman

مقالات دروس العمليات الفدائية في داخل فلسطين المحتلة

لا أجد  تعليقا يعلو على كلام والد الشهيد “رعد حازم” بطل عملية مدينة “تل الربيع –تل أبيب” المحتلة رحمه الله وغفر له.. فما قاله بشجاعة وحرقة  في نعي ولده، كلام يضرب في الجسد كالكهرباء، ويشكل رسالة لكل الجبناء المتخاذلين والمطبعين من الانظمة العربية .عملية  هزت دولة الاحتلال وأربكت أجهزتها العسكرية والامنية ..

العمليات الفدائية البطولية التي وقعت خلال الاسبوعين الماضيين تؤكد هشاشة الكيان الصهيوني ،وأن قوته تكمن بالتخاذل الرسمي العربي !  وأكثر ما يلفت الانتباه في العمليات الاخيرة التي نفذها شبان فلسطينيون ضد المستوطنين وقوات الاحتلال الصهيوني، وأسفرت عن مقتل 13 مسستوطنا وجنديا وجرح عشرات آخرين ، أن الفدائيين هم من جيل الشباب في العشرينات والثلاثينات من أعمارهم وينفذون العمليات بحرفية وبراعة وشجاعة قل نظيرها ،  أعادوا  الاعتبار  للقيمة  السامية  لمفهوم كلمة ” الفدائي”، الذي يحمل روحه على راحته ويضحي بنفسه  من أجل قضية وطنية عادلة  .  فيما  يبحث نظراؤهم  العرب عن فرص عمل أو البحث عن عروس أو التفكير بالهجرة من أوطانهم  .

وللتذكير  كان تسلسل هذه العمليات المتعاقبة كما يلي:

* عملية بئر السبع مساء 22 آذار، التي نفذها محمد غالب أبو القيعان قبل أيام من انعقاد “قمة النقب” المعيبة يوم 28 آذار، بمشاركة 4 دول عربية هي” مصر، المغرب، البحرين والإمارات بالاضافة الى وزير خارجية الاحتلال ” برعاية وزير الخارجية الميركي بلينكن ، الذين  ادانوا العملية بكل صفاقة.

* يوم الأحد 27 آذار/ مارس  قام الشابان  إبراهيم وأيمن إغبارية وهما أبناء عمومة ،من مدينة أم الفحم  المحتلة عام 1948، بتنفيذ عملية الخضيرة وأسفرت عن مقتل شرطيين إسرائيليين وإصابة آخرين.

* يوم 30 آذار  قام الشاب ضياء حمارشة بعملية في مدينة  بني براك شرق تل أبيب، وقتل 5 إسرائيليين وسط حي للمتدينين اليهود. وهو من مواليد بلدة يعبد التي تقع جنوب مدينة جنين شمال الضفة الغربية.

* بعدها يوم واحد في 31 آذار، نفذ  فلسطيني عملية طعن على متن حافلة قرب مفترق غوش عتصيون، أسفرت عن إصابة إسرائيلي بجروح خطيرة.

* توجت  ذروة الهجمات الفدائية التي شهدتها الجبهة الداخلية للاحتلال في الأسابيع الأخيرة ،بعملية شارع ديزنكوف في” تل الربيع – تل ابيب” التي نفذها رعد مساء الخميس7 نيسان، وقتل فيها إسرائيليان وأصيب 14 آخرين.

هذه عينات من  مقاومة متواصلة يخوضها الشعب الفلسطيني يوميا ، بأشكال وأساليب مختلفة ضد الاحتلال الصهيوني في صراع وجودي  دفاعا عن حقوقه المسلوبة. فهو يقدم الشهداء والأسرى  والجرحى، ويعاني يوميا من اجراءات قمع  وتضييق  تستهدف حريته ومتطلباته المعيشية وعمليات مداهمة واقتحامات للمسجد الاقصى وترويع المصلين، فضلا عن مواصلة عمليات الاستيطان في الضفة الغربية ..الخ !

 عمليات فردية

 وما يميز هذه العمليات انها ذات طابع فردي، يقوم بها شباب هم من يختار مكانها وزمانها وليست مرتبطة بتوقيت يختاره  تنظيم، حتى لو كانوا ينتمون لبعض الفصائل مثل رعد الذي تبين أنه من كتائب شهداء الاقصى التابعة لحركة فتح، وهذا تحدي لقوات الاحتلال  ويؤكد فشل أجهزته الاستخبارية والأمنية، وهو ما يؤكده جنرالات  جيش الاحتلال والمحللين العسكريين والسياسيين الذين  يكتبون ويعلقون  في وسائل الاعلام الصهيونية، فمثل هذه العمليات غير التقليدية تحيد التفوق العسكري والتكنولوجي الصهيوني الذي يعتمد على سلاح الطيران والدبابات.

تحول استراتيجي في نهج المقاومة

 هذا تغيير استراتيجي جوهري في نهج المقاومة الفلسطينية، في المرات السابقة كانت عمليات مقاومة تنفذ من قطاع غزة عبر الانفاق فيرد العدو عليها بحروب مجنونة  تستهدف المدنيين وتدمر البنية التحتية، لكن العمليات الجديدة تضرب في داخل مدن الخط الاخضر المزدحمة وتزرع الرعب، في قلوب المستوطنين في هذه المدن ولا ينفع معها كل امكاناته العسكرية والاستخبارية وتفوقه التكنولوجي!

 لكن العمليات الاخيرة  وقعت في داخل ما يسمى”الخط الخضر” أو فلسطين المحتلة عام 1948، وهو ما يزيد من فشل العدو وارتباكه ، بالاضافة الى أنها  وحدت جهود المقاومة   في عموم فلسطين التاريخية ،حيث نفذ بعض هذه العمليات شبان جاءوا من الضفة الغربية وبعضها نفذها  مقاومين من فلسطين 1948 مثل عملية الخضيرة التي نفذها الشابان  إبراهيم وأيمن إغبارية وهما أبناء عمومة ،من مدينة أم الفحم  المحتلة عام 1948، ولم تنجح كافة اجراءات العدو الأمنية وبضمنها جدار الفصل العنصري  في منع وحدة الشعب الفلسطيني  وإبداع  المقاومين  لوسائل لاختراق الجدار وتنفيذ عمليات في الداخل.

التطبيع والانحدار الرسمي لم ينفع العدو

وفي البعد السياسي أيضا تتزايد هذه العمليات الفدائية، بالتزامن مع انحدار وتخاذل رسمي عربي وصل الى الحضيض، وتوقيع اتفاقيات تطبيع  أعقبها اتفاقات أمنية، وزيارات متبادلة بين مسؤولين عرب وقادة العدو، وكان أحد مخرجات هذه الاتفاقيات المهينة قمة النقب، فضلا عن ما تقوم بها سلطة رام الله من تنسيق امني مع العدو بهدف إحباط وملاحقة المقاومين الفلسطينيين. وهذه اختراقات استراتيجية   يتفاخر بها  قادة الكيان الصهيوني، لكنها على أرض الواقع في فلسطين المحتلة لاتقدم ولا تؤخر بل تزيد الشعب الفلسطيني صلابة وإرادة على المقاومة.

هذه دروس يقدمها شباب مقاوم  يشكلون طليعة شعب يرزح تحت  الاحتلال يفترض ان يفهمها العدو، والعرب المطبيعن وما يسمى المجتمع الدولي المنافق ملخصها ان هذا الشعب لن يستسلم وسيواصل المقاومة ويقدم تضحيات بلا حدود، حتى ينتزع حقوقه المشروعة، شباب مقاوم  يشكلون طليعة شعب يرزح تحت الاحتلال وأن الشعب الفلسطيني هو من يقر مصيره بدمائه وليس السماسرة، فكل ما قدمته سلطة رام الله والانظمة العربية  من تنازلات زادت العدو غطرسة ووحشية!

عن رأي اليوم