هذا الموقع تجريبي
Weather Data Source: weather for Amman

مقالات هل نحن مقبلون على ثورة جياع

 

هل نحن مقبلون على ثورة جياع؟!

 

جمال خليفة

يتأثر الأردن برغم صغره بأي أزمة تحدث في العالم.. وكان للأزمة الروسية الاوكرانية وقع كبير على الأسعار في الأردن، حيث ارتفعت إلى درجة تفوق أي ارتفاعات سبقتها.. وهدد رئيس الوزراء بشر الخصاونة التجار بقوله "سنتعامل بالعين الحمراء مع كل من يتلاعب أو يتجاوز على قوت المواطن".

تهديد الخصاونة لن يردع ولن يأتي بجديد.. فالأسعار ارتفعت، وكان ارتفاع أسعار الدجاج مؤخراً إرتفاعاً كبيراً لم نشهده سابقاً الأثر الكبير في نشوء إحتجاجات من قبل المواطنين تجاوزتها إلى المقاطعة ولكن بدون فائدة، فالدجاج إرتفع سعره لمايزيد عن النصف دينار للكيلو الواحد ولم ينخفض بعد المقاطعة سوى عشرة قروش.

لقد ظهرت البدايات عندما ارتفعت أسعار الزيوت النباتية التي لا يستغني عنها أي بيت أردني، في ظل ارتفاع فلكي لأسعار الزيوت النباتية بنسب تراوحت ما بين 20% إلى 38%، بحسب دراسة أعدتها جمعية "حماية المستهلك"، بينما احتكرت "شركات غذائية تستورد الزيوت النباتية الزيت وطلبت من مندوبيها عدم توزيعه رغم توفره في المستودعات".  وشمل الإرتفاع كذلك الأرز والسكر وحليب البودرة ومشتقات الألبان والأجبان والكثير من المواد الغذائية.

وقام آلاف من الأردنيين بتنظيم إحتجاجات شملت مختلف محافظات المملكة وبدرجات متفاوتة، حيث أن القضية لم تعد تقف عند ارتفاع سعر سلعة معينة، ناهيك عن أن هذه السلعة كزيت القلي تسبب ارتفاعها بارتفاع الكثير من المواد التي يدخل في إستخداماتها هذا الزيت.. فمع موجة الغلاء التي طالت كل شيء بمختلف بلدان العالم، ليس بالأردن فقط، أصبحت الحكومة تتخبَّط وسط دوامة الإحتجاجات والمقاطعة ولكن بدون أن تخرج بقرار تخفيض السلع لإنصاف المواطنين، مما أصاب المواطنين بخيبة أمل في هذه الحكومة بأن تتخذ خطوات لتحسين معيشة المواطنين كما أراد جلالة الملك عبدالله الثاني، ولكنها لم تقم بأي خطوة أو مبادرة ملموسة في هذا الإتجاه.

ومما لمسناه وشاهدناه من ارتفاع الأسعار كان لا بد من سن تشريع قانوني حقيقي تُشرف على مراقبة تنفيذه وزارة الصناعة والتجارة للحد من تمادي بعض التجار في رفع الأسعار للضرب بيد من حديد لكل من تسوِّل له نفسه اللعب بمقدرات المواطن المعيشية، حتى نحد من الأفواه الجائعة التي تعتبر المحرّك الفعلي للثورات!

بات إنصاف المواطن ودعمه لأخذ حقوقه هو آخر ما يُفكر به أغلبية المسؤولين الذين من المفترض أن يكونوا قدوة لأبناء وطنهم، وحتى نواب الوطن نجد أن أصواتهم في هذه المرحلة الصعبة خافتة ولا أثر ملموس لهم للدفاع بصلابة عن أي مساس بحقوق الشعب، والكثير من المواطنين أصبح لديهم شعور بأن ممثليهم في مجلس النواب يستهترون بمطالبهم، ويصمُّون آذانهم عن حقوقهم. وليتَ المسؤولين في حكوماتنا المتعاقبة تؤرقهم (مصائب) أبناء وطنهم، ويسعون بالفعل لا بالكلام المُبهرج والمُنمَّق إلى رسم السعادة على وجوه المواطنين، بتطهير ضمائرهم وسجلات إنجازاتهم الملوثة بقرارات ضياع الوطن وإعتام مستقبل المواطن، والكف عن تفضيل مصالحهم الخاصة على مصالح أبناء شعبهم.

فالأردنيون تتحكم بهم قلوبهم الطيبة التي تُحب هذا الوطن وتفديه بكل غالي ونفيس، وليسوا أصحاب مشاكل أو تخريب أو ارتكاب أعمال تتسبب في زعزعة إستقرار وأمن هذا البلد.. بل منحازون حتى النخاع لوطنهم وقيادتهم الهاشمية. لكن الفساد السياسي والمالي والإداري وتبعاته السلبية على المجتمع، وانعدام المسؤولية الاجتماعية لدى الحكومات المتعاقبة، وتقاعس مجلس الأمة عن نُصرة الشعب في أمور حساسة ومصيرية مثل ارتفاع الأسعار الجنوني الذي يحدث حالياً للسلع الغذائية والنفط، كل هذه العوامل السلبية من فساد، وغياب ذمم، وانعدام الأمن الغذائي، وتدهور معيشي، تؤكد على وجود خلل ما يتفاقم يوماً بعد يوم، ولا نُريد أن يثور أبناء الطبقة الفقيرة التي هي أكثر الطبقات تأثُّراً بارتفاعات الأسعار لتدني دخولهم التي بصعوبة تُغطي إحتياجات حياتهم المعيشية.. فثورة الجياع صعبة، ولنحذر الحليم إذا غضب، ويكفي هذا الشعب الصابر ما عاناه ويُعانيه طيلة هذه السنوات.