هذا الموقع تجريبي
Weather Data Source: weather for Amman

رئيس التحرير كيف تتعلم الفساد ..!!

 

محمد محيسن

عندما تحول الفساد إلى حالة مجتمعية بات التعامل معه كقضاء وقدر ، وهنا لا يطلب البسطاء من الناس إلا اللطف فيه..

قبل سنوات كتبت مقال بعنوان (زايد بتغدا) تحدثت فيها عن موظف في احد المستشفيات الحكومية، الموظف ونتيجة ترهله وإهماله واستخفافه بالمراجعين ، اجبر ممن كان حاضرا للبحث واسطة لتمشية معاملة بسيطة ، وهذا درس إجباري في الفساد البسيط .

القصة بدأت، عندما تجمع عدد كبير من المراجعين أمام احد مكاتب الموظفين الذي كان خاليا تماما إلا من بعض الأوراق المتناثرة هنا وهناك، والقليل من الملفات الموضوعة على الطاولة بشكل فوضوي.

وكلما مر الوقت ازداد عدد المراجعين، وازدادت معه حالات التندر التي كادت أن تخرج البعض عن صمته، فيما بات البعض الآخر يبحث عن معارف له «لتمشية المعاملة».

وأمام تذمر البعض وغضب البعض الآخر من المراجعين والمرضى، وبعد انتظار استمر أكثر من نصف ساعة جاء شخص، علم لاحقا انه مراسل، ليبلغ الجميع بالمزيد من  المزيد من الانتظار، ولما تعالت الأصوات المحتجة جائت الإجابة الصاعقة من الساعي والتي أفادت أن " زايد قاعد بتغدى "وما عليكم إلا الانتظار، "ولي مش "عاجبوا يرجع بكرة".

الناس وعند سماعهم الإجابة، انقسموا الى ثلاث فئآت، فئة قليلة لا تتعدى أصابع اليد، فضلت الانتظار ، فيما اضطرت فئة أخرى وهي قليلة أيضا الى ترك المعاملة والخروج من المستشفى، أما الفئة الثالثة وهي الأكبر حجما والأعلى صوتا ، فقد قررت الذهاب للبحث عن معارف ، بمعنى آخر، قرروا اللجوء الى الواسطة ، منهم من قال "انا بعرف فلان" فتبعه البعض، ومنهم من حاول إرضاء الساعي، وآخرون أكدوا معرفتهم بموظفين كبار ..

القصة وعلى بساطتها ولكنها تحدث كل يوم ، وفي اي دائرة أو مؤسسة هي أماكن يجبر فيها الناس العاديون على أن يكونوا جزءا من فساد استشرى حتى بات نظاما اجتماعيا .

من منا لم يفتخر يوما بأنه يعرف مسؤلا كبيرا،ومن منا لم يبحث يوما عن واسطة لتسليك معاملة حتى وان كانت بسيطة.

 ان ما افسد كثيره.. قليله حرام ، فالفساد يبدأ صغيراً وربما بذرة مسمومة لكنه سرعان ما يتحول الى غابة تعج بالوحوش والأفاعي ولا مكان فيها للضعيف الا باعتباره وجبة لهذا القاتل مفترس.

 هنا والحديث لأحد المثقفين العرب لا نجري المفاضلة بين فساد صغير وآخر كبير ، الاول يمارسه الناس العاديون عديمو الحوْل والقوة من خلال الواساطات والرشوة ، والثاني يحتكره الكبار من الذين ظفروا ببوليصات تأمين ضد أية مساءلة سواء كانت قانونية او أخلاقية..