كثيرا ما نسمع فى الآونة الأخيرة عن مصطلح “الذكاء الاصطناعى” ، ويتم التحدث عنه على أنه علم المستقبل مما أدى إلى التطلع نحو استخدامه فى كثير من فروع العلوم العلمية والأدبية أيضا.
ويقول د.علاءالدين جمال فايز، أستاذ بقسم الوراثة الجزيئية والانزيمات - معهد الوراثة البشرية وأبحاث الجينوم بالمركز القومى للبحوث،أن الذكاء الاصطناعى قد يتم تطبيقه فى صورة أدوات كبرامج كمبيوترية أو آلات تؤدى مهام قد يصعب على الإنسان عملها، مع العلم أن القائمين على تطوير أدوات الذكاء الاصطناعى يسعون دائما إلى توظيفه لمحاكاة العقل والسلوك البشري.
وتتم تلك المحاكاة من خلال تدريب تلك الأدوات على التعرف والتفسير والتنبؤ بسلوك ما، ولتقريب مفهوم الذكاء الاصطناعى وأدواته، يمكن التعرف على تلك الأدوات التى قد نتعامل معها يوميا دون أن ندرى، فمثلا عند الكتابة على الكمبيوتر قد تكتب كلمة لا يتعرف عليها الكمبيوتر فيعطيك علامة على أنها كلمة لا يمكن التعرف عليها، وفي الحقيقة فقد تكون الكلمة التى كتبتها صحيحة ولكنها غير مخزنة فى قاموس الكمبيوتر الذى تستخدمه ، فإذا كانت كذلك يمكنك إضافة الكلمة إلى القاموس، وبالتالى فإنك قمت بتعلم الكمبيوتر تلك الكلمة صحيحة وبالتالى تلاحظ أنه لا يعاود تنبيهك بها.
في الحقيقة أن سلوكك هذا يعد أنك ساهمت في زيادة الذكاء الاصطناعى للكمبيوتر. ومع بساطة المثال المطروح إلا أنه يعد من أسس التطوير لكثير من الأدوات التى تعرف حاليا بالأجهزة الذكية والقرى الذكية والبيت الذكى وأجهزة التعرف على بصمة اليد والعين وخرائط الأماكن والمساعد الصوتى وغيرها.
اذن كيف يتم استخدام الذكاء الاصطناعى فى مجال تشخيص الأمراض الوراثية؟، بداية تشخيص الأمراض الوراثية يتطلب جهد متكامل من كل القائمين على التعرف وعلاج الأمراض الوراثية بداية من سحب عينة التشخيص إلى التعرف على المسببات الوراثية لتلك الأمراض ومن ثم إمكانية طرح العلاج المناسب.
وبناء على ذلك فإن استخدام الذكاء الاصطناعى فى مجال الأمراض الوراثية يتطلب جهد كل هؤلاء القائمين. وكلما زادت الأمراض الوراثية تنوعا وتعقيدا بظهور أمراض أو أعراض جديدة، كلما زادت الحاجة إلى تخزين البيانات المتعلقة بتلك الأمراض وبالتالى زادت الحاجة إلى استخدام الذكاء الاصطناعى فى تشخيصها.
ومن الأهمية أن نشير إلى إعداد بيانات المرضى وتاريخهم المرضى بشكل منظم يعد من أهم الركائز الاساسية فى رفع قدرة أدوات الذكاء الاصطناعى فى التشخيص الطبى الصحيح ، وقد تكون هذه البيانات جينية أو بيوكيمائية أو سيتووراثية أو اكلينيكية أو طبوجرافية.
ومن خلال التسجيل الالكترونى لتلك البيانات يمكن إنشاء العديد من أدوات الذكاء الاصطناعى التى تعالج تلك البيانات إحصائيا بشكل مترابط ومنظم لزيادة القدرة على التعرف وتفسير الأمراض الوراثية والتنبؤ بما قد يحدث من تطور أو زيادة أو ظهور مرض آخر مستقبلا.
ومن أمثلة تطبيقات الذكاء الاصطناعى فى تشخيص الأمراض الوراثية ما يمتلأ به قواعد البيانات الجينية والسريرية من برامج وأدوات تساعد فى حساب الدرجة المرضية للمتغيرات الجينية وايضا التعرف على المرض الوراثى من خلال ادخال البيانات السريرية للمرضى وخاصة فى تلك الأمراض النادر حدوثها وراثيا.
ومن اكثر ادوات الذكاء الأصطناعى الحالية التى تدمج البيانات الجينية والسريرية معا للمساهمة فى تشخيص الأمراض الوراثية النادرة عند الأطفال هى أنظمة معالجة اللغة التى تعرف ب (NLP) التى بلغت دقتها 99% طبقا لمراجعة عدد من خبراء تشخيص الأمراض الوراثية.
ومع هذا تظهر تخوفات من استخدام الذكاء الاصطناعى مثل الافتقار الى تبادل البيانات وقضايا تتعلق بملكيتها وادراك اهمية الذكاء الاصطناعى ذاته. فى نفس ذات الوقت لا يعنى استخدام ادوات الذكاء الاصطناعى الاستغناء عن الباحثيين والعلماء والأطباء ، بل تعنى دمج تلك الأدوات فى العمل اليومى للكادر الطبى والعلمى لتصبح الوقاية والتشخيص وادارة المرض الوراثى اكثر دقة خاصة فى الأمراض الوراثية ذات الأعراض السريرية والبيانات الجينية الأكثر تعقيدا.