البراميل المتفجرة التي تلقى على رؤوس العباد أداة صماء تقتل دون توجيه , على عكس إنها بخلاف الأسلحة الموجهة فإنها تفتك بذكاء، بغض النظر عن هذا وذاك إلا أن نسبة القتل بذكاء أعلى وأدق.
نحن الآن في إحدى البيوت التي كان لها نصيب من تلك الآلة التي تقتل بطريقة عمياء دُمرت أجزاء كبيرة من البيت فكان من نصيب رب الأسرة الارتقاء إلى السماء مخلفا وراءه زوجة مكلومة و أربع بنات.
الموت يمشي في الأزقة، يخطف الأحباب ليرديهم تحت التراب، أيها البرميل المتفجر أما آن الأوان لك أن تتوقف..!
يا صانعي الموت ألا تخجلون من الضغط على الزناد..! أيها العالم الأصمّ أين أنت من أطفال تنهش أجسادهم الغضة برد الشتاء..!!
في ليل حالك تخدع الأم الصغيرات، تضع الماء في القدر، تحركه بيد العاجزة عن فعل أي شيء، ينام الصغار والدموع تسكن في أعينهم حتى يبلج الفجر .
تجمع الأم ما تبقى من طحين، تصنع بعض الأرغفة، تنفخ على نار قلبها لعله يهدأ فتزداد النار اشتعالا.
تُهدي لكل طفلة رغيف صغير لتسد جوع زقزقات العصافير في بطون تتضَورُ جوعًا.
اليوم كسابقه؛ خدعة ليلية وفي الصباح قليل من الطعام، تنام الطفلات في خيمة تنوح الريح من شقوقها، يهتز وتد الخيمة تئن الأرواح داخلها، ثم يأخذن كالعادة قسطًا وافيا من الانتظار، ثم تسلم الأجفان إلى النوم والأمعاء تقرقع من هول الجوع
وأخيرا؛ تجتمع العائلة في بيتها المهدم لتصلح غرفة تأوي إليها بعد أيام طويلة من نصب الحياة في خيمة تتقاذفها الرياح.
تنام الأم وبناتها نومتهنّ الأخيرة ، دون تعب لتصعد الأرواح إلى باريها إنه الموت على هيئة زلزال، تخرج جثث الشهداء تدفن بجانب الأب تكتب الشواهد في الأرض لتزف إلى السماء.
بقلم : حسن روبين