محمد محيسن
لم تكفي مشاهد الدمار التي أصابت الشقيقة سوريا نتيجة الزلزال المدمر، من تحريك
النخوة العربية التي تحولت بفعل المصالح السياسة، إلى مجرد وعاء فارغ مليء بالسطحية
حد السذاجة، وابتعدت تماما عن أي قيمة أخلاقية أو إنسانية.
المشاهد المنقولة عبر الفضائيات،انفردت بنقل الحدث من تركيا، أولا ولم تصل
في إخبارها التي لم تتوقف، عن حقيقة المعاناة التي يعيشها الشعب السوري ، الذي لم يستفق
بعد، من حرب أهلية أكلت الأخضر قبل
اليابس.
سوريا ومدنها التاريخية العريقة، حلب وإدلب واللاذقية وحماة وطرطوس، تعرضت لزلزال مدمر، أسوة بتركيا ، ولكن
الفرق في التعاطي مع الأزمتين بدا واضحا، حيث انهالت المساعدات هناك فيما بقي
الشعب السوري من يعاني وحيدا من حصار سياسي وأنساني، باستثناء بعض الدول عبرت عن
تعاطفها، فيما لم نسمع إلا بعض المحالات الشعبية المحدودة للتعاطف.
و تكابد سوريا والعاملين المنهكين لإنقاذ المحاصرين تحت الأنقاض مع
تجاوز عدد القتلى الآلاف ، فيما خيم اليأس على المشهد، وأعاق هول الكارثة جهود
الإغاثة. فيما تقترب درجات الحرارة من التجمد، وانهمر
المطر، ولا توجد كهرباء ولا وقود في المدن حتى قبل الزلزال.
سوريا واقصد الشعب السوري لم يكن في يوم من الأيام إلا متقدما عن غيره في
صنع الحضارة، وفي تقديم كل ما لديه من مهارة وعلم وأخلاق وثقافة وحضارة وهبها دون
منة للكثير من الشعوب.
الحقيقة التي لا تغيب عنها الشمس فإن
السوريين يعرفون بالغريزة أن الحياة قدر وخيار في الآن ذاته، وقد اختاروها بوعي
كامل، وأثبتوا اليوم، كما في كل يوم سابق، أنهم، رغم المأساة، جديرون بها، لذلك لم
يتوقفوا طويلاً عند البرد والفقر والحصار وندرة الإمكانات وقلة الحيلة، بل سارعوا
لفعل ما عليهم.
وهنا لا ابحث عن
الأسباب، ولكن السوريين محاصرين في لقمة عيشهم ومنع عنهم الدواء حين احتاجوه، ورفض
بشراسة وحش متعطش للخراب إعادة إعمار ما دمرته الحرب حين بدأت بوضع أوزارها، فذلك
لو حصل في موعده لكانت حصيلة الزلزال أضعف وأقل مأساوية مما رأينا، لكن هذا
التاريخ سيقول أيضاً أن السوريين فعلوا بأيديهم العارية وإمكاناتهم البسيطة، ووسط
حصارهم، ما عجز عنه الكثيرون، وأنهم، مرة
أخرى، مطلع شمس الحياة وأبنائها البررة المخلصين.
ولمن لا يعرف سوريا وهي الجزء الأهم والأكبر من بلاد الشام علية ان يعود
للتاريخ ، الذي تزال صفحاته لم تمتلئ وتحتاج الى الكثير من الإنصاف لنعرف ما قدمته
الشام للعالم العربي وما ساهمته في نشر الإسلام والثقافة العربية بل ما قدمته للبشرية جمعاء.