سفراء نيوز - محمد محيسن
لست خبيرا في الاقتصاد، او في الكيفية التي تعد بها الحكومات موازنتها المالية ، ولكن المتتبع لما يقوله الشارع العريض يدرك تماما ، ان اغلب المواطنين غير راضيين عما حملته الموازنة، التي أعلن عنها وزير المالية بالأمس.
وعلى الرغم ان الحكومة قدمت موازنة تقول إنها مختلفة تماما فهي منضبطة وتحفيزية، ومنسجمة مع الإصلاح ، الا ان الشارع يريد انعكاسا حقيقيا لهذه الأرقام المتضاربة لمعيشته اليومية . وكل ما علق في اذهننا هو رقم العجز الذي قدرته الحكو مة بعد المنح الخارجية 2.5 مليار دولار فيما يبلغ التضخم 3.8 بالمئة ، اما المديونية فسترتفع لتصل الى 45 مليار دولار تشكل من الناتج المحلي الإجمالي نحو 87 بالمئة في حين بلغ الناتج المحلي الإجمالي 52 مليار دولار.
من المؤكد ان النواب سيخوضون مناقشات حامية اغلبها ستحمل طابعا شعبويا ، وجلسات حوار بعضها لن يكون له علاقة بالموازنة، وبعضها سيكون رفضا عدميا، ولكن اذا لم تكن النتيجة تغيرا جوهريا ، فأننا سنبقى في ذات المستنقع الذي يعني المزيد من عدم الاستقرار والإضرابات الشعبية وتهالك الطبقة الوسطى.
موازنة بدون تغيير جوهري محكوم عليها شعبيا بالفشل، وبالتالي لو عرضت هذه الموازنة للاستفتاء ستلاقي الرفض المطلق، دون الدخول في التفاصيل.
الواقع الشعبي يقول ان الحيرة وصعوبة الفهم، هي التي تطغى على المشهد الاقتصادي ،الذي بات تائها بين قرارات اتت على جيوب الطبقة الوسطى، وخرى ينتظر ان تكمل على البقية الباقية من قدرتهم الشرائية، فيما تتفاقم المديونية على نحو جنوني .
والمؤشرات القادمة لا تعطي سوى اتجاه اجباري يقودنا الى المزيد من الغموض وربما المزيد من التخبط ، حيث يعيش المجتمع حالة ممزوجة من الخوف والغضب، والترقب غير معروفة النتائج .
في الحقيقة لا يمكن تفسير الحالة المركبة والمعقدة التي يعشها المجتمع وردود الفعل الحكومية ، الا بان ما يجري، خارج النص اسوء من النص نفسة ، فالحكومة تضع اذن من طين واخرى من عجيب في مواجهة المطالب الشعبية ، بينما يتوارى المسؤولين عن الانظار، وحجتهم في الاقناع، تقتصر على السلامة العامة والنظرة الى تجارب بعض دول الجوار ..!
جميع الدراسات الاقتصادية تؤكد ان تحقيق حالة التوازن أو الاقتراب منه هو مؤشر النجاح للسياسات الاقتصادية. وتعد العلاقة بين الدخول والأسعار من أبرز قضايا الاقتصاد التي لها انعكاسات اجتماعية. الا ان الحكومات مصرة على الغاء هذا المعيار والاستعاضة عنه بسياسة قادمة من صندوق النقد الدولي .
فكلما كانت هذه العلاقة متوازنة، أدى ذلك إلى الاستقرار الاجتماعي والبعد عن الممارسات السلبية التي يلجأ إليها الأفراد لتدبير دخول بطرق غير مشروعة لملاحقة الزيادة في الأسعار.
القرارات الصادمة المتواصلة والغير شعبية لا تقود الى ألا أتجاه إجباري مليئ بالتخبط وسوء الفهم .
اذا علينا التفكير من خارج الصندوق.