هذا الموقع تجريبي
Weather Data Source: weather for Amman

رئيس التحرير اللاصة..!

رسخت سياسات الحكومات المتعاقبة مؤسسات المجتمع المدني التي تدور في فلكها او حتى وسائل الإعلام بمختلف مدارسه ولهجاته تقاليد من طراز يدعو الى تجاوز العجب دون البحث عن السبب.

فلا يمكن لخبراء الاستراتيجيا ولا العرافون ولا حتى زرقاء اليمامة او الضاربون في الحصى، أن يخمنوا ما الذي سنصحو عليه في صباح الغد، الأمر الذي أوقع المجتمعات بحالة من الفوضى والعشوائية، حالة من الانتظار الإرادي او القبول بما لا ترضى ولا ترغب.

هذه الفوضى والعشوائية أدت الى أن تكون النتائج بعيدة كل البعد عن مقدماتها على نحو غير مألوف؛ الأمر الذي ساهم في تعزيز شعار ما يقع من السماء تتلقفه الأرض، وبات تراكم الوحل حالة طبيعة في الممرات المجبرين على السير فيها .

وبحسب تعبير ابناء المخيمات والقرى الغارقة في اللامبالاة، نحن "جوات اللاصة" ولكننا صامدون.

و"اللاصة" لمن لا يعرفها هي الوحل الذي يملأ شوارع المخيمات والقرى النائية عند هطول المطر، وتقترب من إغلاقها وتعيق الحركة إلى حد الاختناق، ولكن الحياة تبقى متواصلة دون انقطاع .

لا ينكر احد ان الوضع الذي نشهده حاليا هو عبارة عن مزيج من حالة الفوضى الإدارية والسياسية والأخلاقية؛ الأمر الذي يفرض علينا سؤلا بديهيا: هل المشكلة في الأخلاق العامة، أم في القانون الذي لا يجد احتراماً أو تطبيقاً، ام إننا أمام سياسة الإغراق في وحل الشوارع وفوضى الشعارات العائمة، حتى اختلط علينا الامر ما بين القانوني وأخلاقي وبين القبول بالأمر الواقع، او الاعتماد على مؤسسات انتهت صلاحيتها قبل ان تبدأ.

الأمثلة عديدة ولا حاجة إلى ذكر واحد منها، فالفضائيات والإذاعات والصحف على اختلاف مرجعياتها وأهدافها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار تتولى عرض هذه الأمثلة على مدار اللحظة ، بل يتبرع أشخاص عانوا حتى الثمالة من الفوضى في نشر ذلك العبث.

أما وسائل التواصل الاجتماعي "السوشل ميديا"،فقد أغرقتنا هي الأخرى بكم هائل من المعلومات المضللة، وبالمزيد من الغموض والفوضى..

وفي الوقت الذي تدعي فيه الحكومة أنها تستنبط الإصلاح من آهات الشعب، وتدرك أنه يحتاج إلى الكثير من الأمور، أبرزها حرية التعبير وحرية الرأي، انطلقت أفواج من يحبون جَلْد أنفسهم بصوت السادة لتعلن عكس ذلك.

ولكن الشعوب التي يمكن خداعها لبعض الوقت من الصعب الاستمرار في اجبارها على السير عبر طرقات مليئة بـ "اللاصة".