الفيلسوف الفرنسي والرياضي والفيزيائي المشهور رينيه ديكارت والذي ما زالت نظرياته الفلسفية تدرس منذ أكثر من خمسمائة عام في معظم كليات الفلسفة في العالم قال جملته المشهورة والتي ما زالت تردد إلى اليوم : أنا أفكر فأنا إذن موجود وقد قالها بعد أن شك بكل شيء حتى في وجوده لكنه اكتشف في الأثناء أن عقله يعمل وأنه يستطيع التفكير فقال جملته المشهورة والتي انطلق منها من الشك إلى اليقين .
لكن جملة أنا أعارض فأنا موجود لا علاقة لها بالفلسفة بل بالمصالح الشخصية الضيقة وهي تنطبق على الكثيرين الذين إذا خسروا مناصبهم وانتقلوا إلى المعارضة لكن ليس المعارضة بمفهومها السياسي المعروف بل المعارضة المصلحية والشغب في بعض الصالونات السياسية على بعض الرموز الحاكمة حتى يتذكرونهم ويعيدونهم إلى أحد المناصب الهامة .
في بلدنا مع الأسف لا توجد معارضة حقيقية بمفهومها العلمي بل معارضة شخصية مصلحية بعكس ما هو موجود في الدول الغربية ففي بريطانيا هناك حزبان سياسيان كبيران هما حزب العمال وحزب المحافظين فإذا نجح حزب المحافظين بأغلبية مقاعد مجلس النواب جلس نواب حزب العمال في صفوف المعارضة وهم يعارضون بعض السياسات التي ينتهجها حزب المحافظين سواء كانت سياسات اقتصادية أو اجتماعية ....الخ ولديهم حكومة اسمها حكومة الظل ولا توجد أي شخصنة في معارضتهم أو أجندة خاصة سوى مصلحة بلدهم وهذا ينطبق على معظم الدول الغربية إن لم يكن عليها كلها .
في بلدنا المعارض هو الذي يخسر منصبه الحكومي إما لبلوغه سن الستين أو لتغيير الحكومة أو لأي سبب آخر لكنه لا يقبل أن يعطي فرصة لغيره فيبدأ بانتقاد الحكومة وأحيانا يكون نقده حادا جدا ونحن نعرف أكثر من شخصية كانون مغرقين في معارضتهم بل كانوا من رموز المعارضة البارزين لكن عندما طلب منهم اشغال أحد المناصب المرموقة نسوا المعارضة والمعارضين .
إذن مقولة أنا أعارض فأنا إذن موجود هي مقولة صحيحة مئة بالمئة ولإثبات ذلك نقول إن بعض رموز المعارضة المعروفين جدا للأردنيين تركوا معارضتهم وهم اليوم يشغلون مناصب مرموقة ويدافعون عن الحكومة حتى لو اتخذت هذه الحكومة قرارات غير شعبوية .
جميل جدا أن يعارض الإنسان بعض سياسات حكومته خصوصا إذا كانت هذه المعارضة من خلال حزب سياسي ينتمي له والأجمل من ذلك أن يكون لديه بدائل للسياسات التي يعارضها لا أن يعارض من أجل المعارضة ومن أجل تحقيق مصلحة شخصية بحتة .