المشهد الاخباري - محافظ البنك المركزي، الدكتور عادل الشركس، أكد أن السياسة النقدية للبنك تحرص على التوازن بين متطلبات تحقيق الاستقرار النقدي كهدف رئيس، وتوفير قنوات تمويل للقطاعات الاقتصادية بشروط ميسرة لدعم النمو الاقتصادي.
وأضاف أن هذا كان الهدف وراء إطلاق برنامجي البنك المركزي للتمويل بقيمة 2 مليار دينار، مشيراً إلى استمرار المركزي بدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وتمكينها من الوصول إلى خطوط تمويل متنوعة بكلف ملائمة إلى حين تأمين التعافي من الجائحة، وخصوصاً الشركات التي لديها قدرة على استمرارية أنشطتها واستعادة أرباحها.
وأكد الشركس، خلال ندوة في جامعة الزيتونة أمس، أن الاقتصاد الوطني بدأ في مرحلة التعافي من تداعيات جائحة كورونا، مستشهداً بالأداء الإيجابي للعديد من المؤشرات الاقتصادية الكلية، لا سيما مؤشرات القطاع النقدي والخارجي، وهو ما مكن الاقتصاد الوطني من تسجيل نمو نسبته 2.2 بالمئة خلال العام الماضي، متجاوزاً التوقعات السابقة بهذا الخصوص.
وأشار الشركس إلى أن الأردن ليس بمنأى عمّا يشهده الاقتصاد العالمي من تطورات، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية العالمية الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية، وما رافقها من تصاعد الضغوط التضخمية العالمية، وبلوغها مستويات مرتفعة بفعل التعافي التدريجي للطلب العالمي في أعقاب جائحة كوفيد-19، وما رافق ذلك من استمرار الاختلالات في سلاسل التوريد، وعودة حالات الإغلاق في الصين، والقيود الحمائية التي اتخذتها بعض الدول لغايات المحافظة على الأمن الغذائي لديها.
وأضاف أن ذلك أسهم في تخفيض توقعات نمو الاقتصاد العالمي ليبلغ 3.6 بالمئة في عام 2022، مقارنة مع 6.1 بالمئة خلال عام 2021.
وتوقع الشركس رغم هذه التطورات العالمية، "ارتفاع معدل النمو الاقتصادي في الأردن إلى 2.4 بالمئة في عام 2022، مدفوعاً باستمرار تحسن أداء العديد من المؤشرات الاقتصادية، إذ نمت مقبوضات المملكة من الدخل السياحي بنسبة 252.7 بالمئة خلال الشهور الأربعة الأولى من عام 2022، وسجلت حوالات العاملين نمواً بنسبة 1.5 بالمئة خلال الشهور الأربعة الأولى من العام الحالي، إلى جانب نمو الصادرات الوطنية بنسبة 43.1 بالمئة خلال الربع الأول من عام 2022".
وزير الاستثمار الأسبق، مهند شحادة، أكد في حديثه لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) أن البنك المركزي يعنى بالقانون، بحماية سعر صرف الدينار، وبالتالي حماية السلة الغذائية للمواطن.
وشدد على أن المركزي عليه اتخاذ الإجراء كما يراه مناسبا ووفق دراساته المبنية على تحليلات عميقة للواقع الاقتصادي العالمي، موضحا أن المركزي الأردني لا يستطيع إلا أن يكون جزءا من المنظومة المالية العالمية، ضاربا مثالا بسيطا "يتلخص في حال رفعت دول الإقليم أسعار الفائدة على عملاتها، فإن تحويلات المغتربين الأردنيين ستتراجع نتيجة تفضيل المغترب الإيداع بعملة الدولة التي يعمل بها عن إيداعه تحويلاته بالدينار الأردني في حال عدم استجابته لرفع أسعار الفائدة".
وأشار إلى أن السياسة النقدية في الأردن هي بمثابة" العامود الفقري" للاقتصاد ، والتي أثبتت حصافتها وتجاوزها للتحديات كافة التي واجهت الاقتصاد، مشددا على ضرورة الاستمرار بإعطاء البنك المركزي دوره بإدارة السياسة النقدية كما يراها سواء بالرفع أو بالتخفيض، واصفا إدارتها بانها تتم بأعلى درجات العناية كعملية "توزين الذهب".
وبين شحادة أن الاقتصاد ومدارسه والنظريات العلمية اختلفت تماما بعد أزمة جائحة كورونا والحرب الأوكرانية الروسية، وبات العالم تجتاحه مستويات كبيرة من التضخم وخلل في سلاسل الإنتاج وزيادة في الطلب ونقص في التزويد، داعيا الدولة والمستهلك إلى تبني سياسة استهلاكية ترتكز على الترشيد في إنفاقها.
وأوضح أن ارتفاع أسعار الفائدة سيكون له الأثر المباشر على قدرة الأردني على الإنفاق في ظل ارتفاع تكاليف التمويل، الأمر الذي يستوجب تحرك من قبل الطرف الآخر للميزان، وهي السياسة المالية، من خلال تغيير النموذج المالي من ضريبة مبيعات إلى ضريبة الدخل، موضحا أنه لا يمكن الاستمرار بفرض ضريبة مبيعات مرتفعة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، بالإضافة إلى تطبيق نظام الأتمتة لتحصيل ضريبة المبيعات بشكل محق وعادل والانتقال إلى النموذج العادل في الضريبة.
وزير التخطيط الأسبق، الدكتور إبراهيم سيف، دعا إلى عدم التدخل بقرارات المركزي "لأنها تتخذ بعناية ووفق دراسات حصيفة".
وأضاف أن مهمة المركزي تتمثل بالإبقاء على هوامش سعرية بين الفائدة على الدينار والدولار لضمان جاذبية الدينار، وبالتالي المحافظة على القوة الشرائية والمحافظة على توازن السوق وكبح جماح التضخم العالمي.
وبين سيف أن المركزي أثبت بربط سعر صرف الدينار بالدولار، حصافة هذا القرار وضمان استقرار السوق النقدي في ظل أحلك الظروف الصعبة التي واجهها.
ودعا إلى ضرورة الإبقاء على البرامج التمويلية الموجهة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة والبرامج التي وجهت لدعم قطاعات إنتاجية لاستمرار النمو الاقتصادي.
وزير المالية الأسبق، الدكتور عز الدين كناكرية، أوضح أن الارتفاعات في أسعار الفائدة التي من المتوقع أن يعلن عنها البنك الفيدرالي الأميركي لها انعكاسات كبيرة على أسعار الفائدة المحلية ليس في الأردن فقط بل في معظم دول العالم.
وأضاف أن هناك برامج سبق وأن أقرها البنك المركزي الأردني لتقديم تمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة بفوائد ميسرة، ولابد من إقرار برامج عاجلة تهدف إلى توسيع البرامج المعمول بها.
ودعا إلى ضرورة تبني برامج تهدف إلى الحد من آثار هذه الارتفاعات على المقترضين من الدخل المحدود، وعلى المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
كما دعا كناكرية إلى ضرورة إجراء مراجعة شاملة لآثار هذه الارتفاعات سواء على القطاعات الاقتصادية المختلفة أو على الخزينة بحيث تتم مراجعة أولويات الإنفاق الحكومي في ضوء انعكاس ارتفاع الفائدة على زيادة كلف الاقتراض الحكومي والنفقات الحكومية الأخرى نتيجة ارتفاع الأسعار العالمية للنفط الخام والمواد الغذائية عما سبق، وأهمية اتخاذ الإجراءات اللازمة والبدائل الممكنة للحد من آثارها.
--(بترا)