عاين منتدون، مساء أمس الاثنين في منتدى شومان الثقافي بعمان، حال وأوضاع المدن العربية وتحولاتها العمرانية والديموغرافية والتطلعات المستقبلية لها.
والندوة التي حملت عنوان "المدن العربية بين العراقة والاستدامة" ورعتها وزيرة الثقافة هيفاء النجار، نظمتها مؤسسة عبد الحميد شومان، بالشراكة مع مؤسسة الفكر العربي في بيروت، بمناسبة صدور الكتاب السنوي السادس الذي أطلقته مؤسسة الفكر العربي أخيرا بعنوان "المدن العربية: بين العراقة والاستدامة" ومناقشته.
ونوهت النجار في كلمة ألقتها؛ بدور مؤسسة شومان وندواتها التي تطرح أفكارا وأسئلة، ولفتت إلى أن الإنسان هو محور المدينة وهو الذي يشكلها، مشيرة إلى أنه احتفل العام الماضي بمدينة اربد عاصمة للثقافة العربية، وأنه لولا البشر ضمن مشروعها الوطني والإنساني ما كانت أن تكون كذلك.
وأكدت ضرورة الاهتمام بالشباب والشابات ليكون لهم علاقة خاصة مع مدينتهم تحفظ كرامتهم الإنسانية، وتفسح لهم المجال من خلال مساحة تسهم بإطلاق أفكارهم ومبادراتهم ومشروعاتهم الشخصية، لافتة كذلك إلى أهمية الاهتمام بالغطاء النباتي الأخضر بوصفه أحد عناصر الاستدامة في المدينة.
ودعت إلى النظر للمدن العربية بنظرة شمولية، لافتة إلى دور الثقافة وأهميتها بوصفها محرك أساسي في الحداثة والاقتصاد والتفكير النقدي والحاكمية الجيدة والصحة .
من جهته، قال المدير العام لمؤسسة الفكر العربي الدكتور هنري العويط، إن المؤسسة تحرص بتوجيه من رئيسها سمو الأمير خالد الفيصل وبدعم من أعضاء مجلس أمنائها، على طرح القضايا التي تعني العرب في تاريخهم وحاضرهم ومستقبلهم، وتسعى باستمرار إلى رصد ما يواجهه العالم العربي من تحديات على مختلف الأصعدة .
وبين أن مؤسسة الفكر العربي حينما قررت تخصيص الكتاب السنوي من سلسلة "أفق" لموضوع المدن العربية بين العراقة والاستدامة، كانت مدركة أن الموضوعات التي ترتبط بالمدينة لا تعد ولا تحصى، إلا أنها اختارت هذا الموضوع بالذات آخذة بعين الاعتبار ما تمثله مجموعة كبيرة من مدننا العربي من تراث ثري وفريد ينبغي حمايته والمحافظة عليه.
وأشار إلى ما تعرضت له عبر التاريخ مدن عربية عريقة للتدمير والخراب من جراء الحروب والغزوات وما واجهته وما زالت تواجهه حاليا.
الخبيرة الدولية في قضايا واستراتيجيات السكان والتنمية والأستاذة في الجامعة اللبنانية الدكتورة حلا نوفل، أشارت في ورقتها إلى أن المنطقة العربية، التي تضم العديد من أقدم مدن العالم المأهولة بشكل متواصل، تتسم بتاريخها المديني العريق الذي يعود إلى آلاف السنين، وتتميز هذه المدن بشكل خاص بتوسعها بالمقارنة مع مدن العالم الأخرى.
وسلطت الضوء على ظاهرة التحول المديني والديمغرافي ونمو العشوائيات غير الرسمية التي شهدتها عدد من المدن العربية والذي تفاقم بسبب ارتفاع أعداد النازحين الذين يبحثون عن ملجأ في المناطق المدينية بسبب الصراعات في المنطقة.
أما الدكتور إبراهيم غرايبة من مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، فرأى أن السلام هو الذي أنشأ المدينة، ولكن المدينة أنشأت الحرب، مشيرا إلى أنها تمثل سلسلة مطورة ومتراكمة من التقنيات والابتكارات التي نشأت في القرية، الأواني ومخازن الغلال وقنوات المياه.
وأشار الناقد والكاتب فخري صالح، إلى أن كتاب "المدن العربية: بين العراقة والاستدامة" يكتسب أهميته من زوايا النظر التي يفحص من خلالها تاريخ المدينة العربية، وأدوارها، ووظائفها، وطرق تطويرها، واستدامتها، وتحويلها إلى مدن ثقافة، ومدن مستقبل، ومدن ذكية، بما يحفظ تراث هذه المدن، وقدمها، وعراقتها، وما تنطوي عليه من ثقل حضاري، وثقافي، عابر للأزمنة.
ولفت في الندوة أدارها مدير المنتدى ومدير الجوائز الأدبية في "شومان" موفق ملكاوي، إلى أن التركُّز السكاني في المدن، والنمو السريع في عدد السكان، وازدياد الحاجة إلى الخدمات، بأنواعها كافَّة، ومن ضمنها الخدمات التعليمية والثقافية، يتطلَّب شكلًا من أشكال التنمية المستدامة، الضرورية، والقادرة على خدمة حاجات السكان المتزايدة.
واستعرضت مستشار أمين عمان للتخطيط والتنمية الاقتصادية المهندسة راما العزي، أبرز التحديات التي تواجه الأمانة، مشيرة إلى أنها أطلقت العديد من الخطط لمواجهة آثار التغير المناخي وتخفيف الانبعاثات الدفينة، مثلما وضعت استراتيجية لمستقبل التنظيم الحضري لمدينة عمان في المدى الطويل بما ينسجم مع نمو المدينة واحتياجاتها.
--(بترا)